المشاركة السياسية للاقليات العراقية - مجلس الاقليات العراقية

اخر الأخبار

الخميس، 1 فبراير 2007

المشاركة السياسية للاقليات العراقية



 المؤتمر الثاني للاقليات العراقية

              ورقة عمل بعنوان:

المشاركة السياسية للاقليات العراقية

 

ان عملية تحول أي مجتمع من ثقافة العنف الى ثقافة السلم وقبول الاخرين واحترام ارائهم وافكارهم وارادتهم يتطلب قدر مقبول من العلاقات والمشاركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين جميع مكونات الشعب الكبيرة والصغيرة للتمكن من الغاء ظاهرة العنف والاضطهاد. ان عملية القبول هذه تبداء من فكرة ابعاد التسميات الكبيرة اوالصغيرة لهذه الفئة او تلك وأن تختار طريقة مقبولة في التعريف عن نفسها وأن تتجنب كل الاختلافات مع الاخرين حتى عندما تتكتل لتشكل تجمعا معينا يجمعها بالاهداف ويميزها عن الاخرين.

أن ما يثير الانتباه هو انتهاج بعض الكتل السياسية انكارها للحقوق السياسية  لقوميات واديان اخرى على الرغم من علمها المسبق بأنها تبتعد عن دائرة السلام والاتجاه نحو دائرة العنف وهي تعي الحقيقة في أن سياسية الاستماع الى الرأي الآخر ومنح الحقوق والمشاركة في البناء لاخرين  افضل واكثر صواباً وهذا ما يتطابق مع استراتيجيتها المؤجلة على حساب  طموحاتها السياسية الانية.

ان الحكمة تتطلب من الجميع اعادة تقييم مسيرة البناء الديمقراطي الذي استمرت لثلاث سنوات خلت وان نشخص مواطن الخلل فيها بعد الامعان في مجمل العملية ونتائجها والحكم عليها ومن ثم تحديد  سبل المعالجة للاخطاء  التي وقعت فيها هذه الكتل والاحزاب المختلفة .ومما لا يختلف عليه اثنان انه من الحكمة مواجهة وتشخيص هذه الاخطاء والبحث عن اسبابها وتقديم الحلول لها والعمل الحثيث على المعالجة الصحيحة لا ان ندير ظهورنا لها لان في ذلك الخطر الاكبر الذي يعرقل العملية الديمقراطية كما فعله الجميع على مر العقود السابقة .

أن تقييما سريعا لمجمل العملية السياسية في العراق على مدى الثلاث سنوات الماضية يعطي انطباعا عن دستور قد يكون منحازالى كتل سياسية كبيرة محددة مع توقع دستور يؤدي عند تطبيقها الى خلق مؤسسات دولة مركزية على درجة من الضعف مع استذكار عدم المشاركة الجماهيرية الواضحة في كتاباته واتصال جماهيري قاصر بالرغم من نجاح عملية الاستفتاءء ونجاح الممارسة الانتخابية في 15 كانون الاول والتي شارك فيها الجميع ,بالرغم من ذلك علينا أن نتسائل:

  •  لماذا  يهاجر ابناء الاقليات بصورة خاصة والعراقين بصورة عامة؟

  •  لماذا يشعر العراقي بان مستقبله مجهول في وطنه؟

  •  لماذا همشت الاقليات واصبحت خارج العملية السياسية؟

  •  بماذا يعرف سياسيوا الكتل الكبيرة كلمة الديمقراطية ؟هل هي دكتاتورية الاغلبية على حساب الاقلية وفرض قرار الكبير على الصغير؟ ام هي احترام  حقوق الاقليات وضمانها لهم ؟ آم ماذا؟

علينا ان نضع معايير لتقيم عملنا والحصول على اجابات لهذه الاسئلة ومن ثم نقرر هل نجحنا ام لا.

ان استمرار معاناة الاقليات سوف لن تخدم المسيرة السياسية لبناء الديمقراطية في العراق بل انها ستهدم ركيزة اساسيةً من هذا البناء.

ان سياسة تغير هوية مناطق كثيرة وكبيرة والتي انتهجها النظام الدكتاتوري البائد لم تساعده في اطالة عمره بل بالعكس فقد كانت احدى معاول اسقاط الصنم, وعلى الجميع الانتباه لها ومنعها وعدم تكرارها في زمن بناء الديمقراطية والعراق الجديد

 اسباب عدم مشاركة الاقليات العراقية في العملية السياسية

1-         أن واحدة من اهم اسباب عدم المشاركة تكمن في عدم اكتراث الطبقات الفقيرة بسبب ارتفاع نسبة البطالة والفقر بعد ان تحولت الطبقة المتوسطة في المجتمع العراقي والتي ينتمي اليها الاغلبية العظمى من ابناء الاقليات الى طبقة فقيرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت ويمر بها ابناء الشعب العراقي خلال العقود المنصرمة بالاضافة الى عوامل اخرى تسببت في ذلك الفقر متمثلة في الحرمان من الموارد والحرمان من الفرص المتكافئة في التعليم والصحة والنقل وغيرها وكذلك الحرمان من المشاركة في السلطة وبهذا اصبح الهم الرئيسي لهذه الاقليات يتمحور في  التصارع مع الفقر الذي هيمن على غالبية ابناء الاقليات وخاصة سكان القرى والارياف الذين ازدادت معاناتهم اليومية ولم تصل لهم مشاريع الاعمار بل بالعكس طالهم الاهمال والتهميش ولعدة اسباب واصيبوا بخيبة امل فلم تعد العملية السياسية تعني وتقدم لهم شيئ يذكر.

2-         عدم المساوة وتكافؤء الفرص الناتج عن المحسوبية والواسطة.

3-         الفساد المالي المستشري والمتزايد المتمثل في الرشوة والعمولة المباشرة وتقريب الاشخاص من الانتماءات السياسية والمذهبية والقومية الموالية بغض النظر عن الكفائة وتفضيلهم على الاخرين، او بسبب سيطرة المسؤولين من الكتل السياسية الكبيرة على كافة مفاصل الدولة وتقاسمهم لعوائد الصفقات الكبرى في عالم المقاولات وتجارة السلاح والحصول على التوكيلات التجارية للشركات الدولية الكبرى وعزل الشرائح الصغيرة والتي لا تنتمي لها بصلة.

4-         ضعف الدولة العراقية وعدم وجود احكام فاعلة لمحاسبة المقصرين والذي انعكس على ضعف القضاء مما خلق حالة من الفوضى وعدم جدوى اللجوء الى الدولة للتخلص من الغبن الذي يلحق المواطنين والاقليات من التمييز والجور الذي يقع عليهم مما اضعف الشعور بالانتماء وخلق حالة من اليأس.

5-         بسبب التداخل الجغرافي والاجتماعي لبعض الاقليات مع قوميات كبيرة لاقت هذه الاقليات حكماً مسبقاً بتبعيتها لها مما حول بعض الاوهام الى حقيقة على الاقليات ان لا تعترض عليها والقبول بها صاغرة.

6-         تولي بعض الكتل السياسية الكبيرة مناقشة وتحديد مستقبل بعض الاقليات بدون استشارتها او الاستماع لها وبهذا تكون قد استئصلت واستثنت هذه الاقليات وصادرت رأيها، او ابراز شخصيات ذات ولاء سياسي لهذه الكتل من الاقليات للتحدث باسمها بما يخدم مصلحة الكتلة الكبيرة.

7-         عدم توفر الثقة واهتزازها وضعف الولاء للمواطنة العراقية والدستور من قبل الاقليات بسبب الارث المتراكم السابق من الديكتاتورية والقهر.

8-         عدم وضوح المواد التي لها علاقة بحقوق الاقليات او التي ذكرت فيها وورودها متناثرة وغير مفهومة في الدستور الحالي اضافة الى ان بعض النصوص تحتمل التأويل والمطاطية في التفسير وعدم اعتمادها على معايير واضحة وصريحة.

9-         الاهمال وضعف الاستثمار وتاخير اعادة الاعمار خلال الثلاث سنوات الماضية في المناطق التي تتواجد فيها الاقليات بكثافة عالية.

10-   الانفلات الامني والتأثير الاجتماعي والنفسي للارهاب والقمع والفساد الذي طال العراقيين وابناء الاقليات خاصة كونهم الحالة الاضعف في المجتمع وتكفير الارهابيين لهم.

11-   تباطؤ نمو مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض قد قطعت اشواطاً بعيدة خلال الثلاث سنوات المنصرمةوالتي تساعد في تأهيل الاقليات والتعريف بخصوصيتهم للدخول في العملية السياسية خلال المرحلة الماضية.

 التوصيات والمعالجات لتفعيل المشاركة السياسية المقترحة

 1-         تعزيز دور المواطنة بما تعنيه هذه الكلمة من مصطلح علمي باعتبارها تضمن كافة الحقوق الدينية والمدنية للجميع بدون تمييز طائفي او تقسيم عرقي.

2-         اقامة المؤسسات الدستورية وتثبيت دولة القانون تحت شعار لا سلاح الا سلاح الدولة الرسمي.

3-         خلق بيئة لا يخشى فيها انتقاد الفساد ويومنون بان النظام القضائي قادر على التدخل لمكافحته.

4-         مشاركة ابناء الاقليات من التكنوقراط في التعيين بوظائف الدولة العليا وبدون تمييز وكذلك اشغالهم المناصب السيادية للدولة وعدم تهميشهم وبدون استثناء اسوة بباقي العراقيين.

5-         اشراك الاقليات وممثليهم في مجالس الاقاليم والمحافظات والبلديات حسب تواجدهم فيها واشراكهم في قرارات هذه المجالس.

6-         العمل على تمتين وتثبيت ركائز السلم الاهلي وبناء دولة المؤسسات والقانون وفصل السلطات وبناء القوات المسلحة على اسس صحيحة وطنية لتساهم في استتباب الامن.

7-         اعادة هيكلية مؤسسات الدولة لضمان تقسيم السلطات وافساح المجال لبناء قضاء مستقل والقبول  بمجتمع سياسي معارض والقبول بالرأي والرأي الآخر ترسيخاً للدولة الديمقراطية .

8-         ترسيخ وقبول مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة القانونية على الجميع والغاء الاستثناءات وخصوصاً بحق مرتكبي الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان وتشريع القوانين اللازمة لذلك.

9-         تشجيع عملية الاصلاح الاقتصادي والنمو الاستثماري واعادة الاعمار في مراكز تواجد الاقليات اسوة بالمناطق الاخرى.

10-   تطوير القيادات الادارية لابناء الاقليات وتعزيز قدرتها على الادارة العامة في مناطق تواجدها لزرع الثقة بالنفس (وعدم الاعتماد على الغير في ادارة شؤونهم الخاصة) اي ادارات ذاتية.

11-   تشجيع وسائل الاعلام للدخول الى مناطق تواجد الاقليات للتعرف على ثقافاتهم وكل ما يقرب الصورة الحقيقية عنهم لكي يطلع عليها ابناء الشعب العراقي لتمتين اواصر التلاحم والتعارف الثقافي والاجتماعي والسياسي ليسهل قبول الآخرين للاقليات.

12-   التاكيد على حرية العمل النقابي وضمان مجتمع مدني مستقل مع تطوير مؤسسات المجتمع المدني القائمة من خلال دعمها المادي واشراكها في النشاطات الاجتماعية والثقافية لغرض تطوير قاعدتها لتكون اكثر انفتاحاً ومستوعبة للعملية الديمقراطية القائمة وتغطية نشاطاتها اعلامياً.

13-   اشراك الاقليات في برامج دولية من اجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية وحقوق الانسان والمشاركة السياسية والتعريف بها امام المنظمات الدولية.

14-   الاستعانة بالهيئات الاستشارية المشكلة من قبل الاقليات في الهيئات الدستورية وعدم الاعتماد على وجهات النظر للكتل الكبيرة او من يمثلها والتي تعتمد في وجهة نظرها على تصورات واعتقادات غير واضحة وغير صحيحة.

15-   سرعة حسم انتهاكات حقوق الاقليات بما يخص ترسيخ العملية الديمقراطية والموقع السكاني والجغرافي من قبل المحاكم من التجاوزات الحاصلة من الكتل السياسية الكبيرة.

16-   نشر ثقافة المشاركة السياسية وبالذات مبدأ المدافعة (Advocacy) من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ودعم الحكومة العراقية لذلك.

17-   تشجيع سياسة ومبدأ الحوار المباشر بين الحكومة وممثلي الاقليات قبل سن اي تشريع او قانون يخص هذه الاقليات.

18-  الحفاظ على الخصوصية الثقافية للاقليات ودعمها لأغراض تنميتها من قبل الدولة كونها جزء من الارث الثقافي للعراق.

19-  دعم الدولة للبرامج الاحصائية لأغراض التخطيط وتاسيس قاعدة بيانات واضحة عن الاقليات لكي تكون ركيزة لأغراض عمليات التطوير والمشاركة السياسية.

20-  ترسيخ ثقافة الرأي والرأي الآخر والقبول بآلاخرين وترسيخ مبادئ الديمقراطية وعدم الاعتماد على التناغم السياسي من اجل الحصول على مكاسب للكتل الكبيرة على حساب الاقليات.

21-  تثبيت قانون الاحوال الشخصية للاقليات بما يراعي الخصوصية الدينية والقومية والثقافية لها واحترام اختياراتها في تشريع ما يرونه مناسباً لهم وبدون تدخل او تأثير.

22-  التركيز على التنمية البشرية ثم التنمية البشرية المستدامة أي الانتقال من الرأسمال لبشري الى الرأسمال الاجتماعي وصولا الى التنمية الانسانية وعدم الاعتماد حصرا على التنمية الاقتصادية حيث لايعني تحسن الدخل القومي تلقائيا تحسن نوعية الحياة للمواطنين.ان تطور مفهوم التنمية الى تنمية بشرية مستدامة تشمل عملية مترابطة لكل مستويات النشاط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي وتستند هذه العملية الى منهاج تكاملي يقوم على العدالة في التوزيع ويعتمد المشاركة ويتضمن التخطيط الطويل المدى للموارد الاقتصادية والتعليم والسكن والبيئة والثقافة السياسية والتركيب الاجتماعي

الخلاصة

لقد عاشت الاقليات الدينية والقومية متاخية على مر العصور مع جميع مكونات الشعب العراقي بالرغم من سياسات الابعاد والتهميش والاقصاء السياسي لهم وبقيوا عراقيين مخلصيين لوطنهم مؤمنين بأن العراق وطن الجميع ولهم فيه مثل ما للاخرين ولا يمكن له ان يزدهر او يستقر الآ باشراك جميع مكوناته في بناء ه وتطويره والمحافظة عليه.أن الاقليات على يقين تام بأن الافكار المتطرفة والشوفينية التي استخدمت على مر العقود لعزل هذه الاقليات سوف لن تنجح لانها تخالف وتجافي حقيقة تكوين هذا الشعب الذي لايليق به ان ان يتجاهل اجزاء اصيلة منه وتهميشها سياسيا لانه بذلك سيسير عكس تيار الديمقراطية وحقوق الانسان والحضارة الانسانية. 

                                                                                                                     نزار ياسر الحيدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق