نطالب بتأجيل عملية الإحصاء السكاني في المناطق المتنازع عليها
إلى العراقيين المخلصين وإلى جميع الساعين من أجل بناء عراق ديمقراطي حرّ ومستقل وآمن، تحية الولاء للوطن والشعب.
إن الأوضاع التي يمرّ فيها وطننا، في ظل غياب دستوري معيب، وفي ظل تعثر الإرادة الوطنية الغائبة أصلاً، لدى السياسيين، وعلى وجه التحديد قادة الكتل المتصارعة من أجل الحفاظ على مصالحها المكتسبة فحسب، منذ قدومهم مع المحتل الأميركي، ليست مشجعة البتة من أجل المضي قدمًا في مشروع الجهات المصرّة على إجراء عملية التعداد السكاني في الوقت المحدّد لهذا الغرض.
إننا نعتقد أن الأوضاع غير المستقرَة وغياب سيطرة الدولة الاتحادية على ما يُسمّى بالمناطق المتنازع عليها، ليست كفيلة بضمان تحقيق الغاية المنشودة من وراء هذه العملية الحضارية التي انتظرناها طويلاً من أجل حصر سكاني يتيح تقديم معطيات حقيقية عن كلّ مكوّن، كما يتيح لكل فردٍ أن يعبّر بحرية كافية عن هويته وطبيعة مكوّنه مع ما يمنحه هذا من حق دستوري يكفل حصوله لكافة حقوقه دون منّة من أحد، إلاّ لكونه مواطناً له ماعلى غيره من حقوق وواجبات.
إننا نطالب الجهات المعنية في الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، ومن الحكومة القادمة، هذا إن كُتب لها فرصة التشكيل في المستقبل القريب، وكذلك من الجهات المختصة في وزارة التخطيط، أن تستخدم العقلانية في قرارها بتأجيل عملية التعداد السكاني، لحين فض النزاعات القائمة حاليًا في ما يُسمّى بالمناطق المتنازع عليها في كل من محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى. نضيف إلى ذلك أن بقاء مسألة النازحين من مناطق سكناهم الأصلية، سواء بسبب التهجير ألقسري الحاصل عليهم أو بسبب الضغوط الكبيرة التي تعرّض لها أصحابها من جهات متنفذة في المنطقة، ليست مشجعة لإجراء هذه العملية الحضارية في ظلّ الأجواء المتوترة والخوف من التعبير الصريح والجهر بالهوية القومية والعرقية والإثنية. ناهيك عن خرق الدستور في تطبيق المادة 23 فيما يخص كركوك بالذات التي تتصارع فيها قوى عديدة، هي بمجملها شخوص ممثلة لكل أعراق النسيج العراقي وليست ملكًا لأحد دون غيره.
إننا نخاطب الجهات القائمة على إنجاز مثل هذا المشروع الجبّار، ومعها كافة الجهات الساندة، أن تأخذ هذا المطلب بتأجيل هذه العملية، لحين تحقيق الأمن والسلم الأهلي وبسط الدولة الاتحادية سيطرتها الكاملة على كافة المناطق ووضع حدّ لمصطلح المناطق المتنازع عليها وإنهاء هذا الملف كليًا، وحينها يمكن أن تجري العميلة بكل يسرٍ وحرية وفي ظلِ أجواء من الديمقراطية الحقيقية وليس في ظل أجواء ديمقراطية هشة تستغلها جهات متنفذة لتحقيق مآربها من خلال فرض ما تراه يلبي مصالحها وبتماشى مع أجنداتها حتى لو تم ذلك من خلال طمس الحقائق وتكبيل حرية التعبير. وبغير ذلك لن يكتب لهذه العملية النجاح، بل ستكون ناقصة وهي تجري في ظلّ أجواء متوترة للقوى المتصارعة على مصير هذه المناطق، العراقية جميعا في تركيبتها، وهي تُسلخ من أصولها في عملية مشبوهة، غير دستورية وغير قانونية، وفي غياب حرية الفكر والرأي والأمن والاستقرار التي تُعدّ أساسًا للعمليات الإحصائية، أيًا كان نوعها ومأربها وغايتُها.
تحية الولاء للوطن ولكل من يقول كلمة الحق، سبيلاً وطريقًا هاديًا من أجل بناء الوطن على أساس الحرية والعدالة والإخاء والمساواة.
مجلس الأقليات العراقية
بغداد، في 17 أيلول 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق